أنواع سرطان الدم
--------------------------------------------------------------------------------
أنواع سرطان الدم
تنقسم سرطانات الدم إلى أربعة أنواع رئيسية هي :
سرطان الدم النخاعي الحاد
سرطان الدم الليمفاوي الحاد
سرطان الدم النخاعي المزمن
سرطان الدم الليمفاوي المزمن
وهناك أنواع أخرى نادرة تدخل ضمن أحد الأنواع الأربعة المذكورة وإن كان لها خصائص بها .
وقد سمي النوعان الأولان بسرطان الدم الحاد لأنه في الأزمنة التي لم يكن هناك علاج متوفر لهذه الأمراض كانت المدة المتوقعة لبقاء المريض فترة أشهر , بينما يمكن توقع بقاء المريض في النوعين الآخرين لسنوات حتى لو لم يتلقى أي علاج . والحقيقة أن هذه الأمراض الأربعة أنواع مستقلة يختلف الواحد عن الآخر ويختلف علاجها وتختلف استجابتها للعلاج ولذلك تختلف فرص الشفاء منها .
يجمع هذه الأمراض إنها تنشأ في النخاع العظمي وتسبب احتلال حيز من مساحة النخاع العظمي يجعل الخلايا الطبيعية لا تجد مساحة كافية للتكاثر لإنتاج مكونات الدم من كريات الدم الحمراء أو البيضاء أو الصفائح الدموية . ولذلك تتميز كلها بأنها تسبب فقر دم أو ضعف الخلايا المتعادلة وبالتالي ضعف في المناعة أو ضعف إنتاج الصفائح الدموية وبالتالي الميل إلى النزف وان كانت هذه الأعراض تختلف من مرض إلى آخر .
وسنحاول فيما يلي بحث هذه الأمراض الواحد تلو الآخر .
سرطان الدم النخاعي الحاد
يكثر هذا المرض لدى البالغين ويقل لدى الأطفال وفي هذا المرض تتكاثر خلايا بدائية Primitive تشبه الخلايا الأم حتى تملأ معظم النخاع العظمي بحيث لا تبقى سوى مساحة محدودة للخلايا الطبيعية , فتحدث الأعراض لما يسمى بفشل النخاع العظمي .
وهذا المرض له أنواع فرعية عديدة جرى تمييزها بحسب شكل الخلايا وبحسب الخلايا الطبيعية التي نشأت منها . ثم في الفترة الأخيرة صار يقسم هذا المرض حسب الاختلالات في الكروموسومات التي يمكن الكشف عنها مخبريا حيث ثبت أن بعض الحالات التي توجد فيها اختلالات معينة في كروموسومات (16 أو 15-17 أو 8-21) يكون فيها المرض أقل خطورة من حالات أخرى في كروموسومات (5 أو 7) .
أعراض سرطان الدم النخاعي الحاد
تكون أعراض سرطان الدم النخاعي الحاد عادة غير خاصة بهذا المرض لوحده , فمثلا يشعر المريض بضعف عام ودوار وإرهاق وضيق في التنفس عند بذل مجهود وخفقان بالقلب وقد يميل إلى النزف من اللثة أو الأنف وقد تظهر عليه آثار نزف تحت الجلد على شكل طفح في الساقين أو بقع دموية في أنحاء مختلفة من الجسم وقد ترتفع درجة الحرارة لديه لوجود عدوى بكتيرية في مكان من الجسم أو عامة في الدم , وتسمى هذه الأعراض أعراض فشل النخاع العظمي وذلك لأن سببها ضعف إنتاج كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية .
تشخيص سرطان الدم النخاعي الحاد
بسبب كون أعراض هذا المرض غير خاصة به لوحده , لذلك لابد للطبيب أن يكون لديه درجة عالية من الشك في هذا المرض خاصة إذا اجتمعت أعراض ضعف إنتاج أكثر من نوع من خلايا الدم .
وفي دراسة تم نشرها من قبلي في المدونات الطبية السعودية أظهرت أن جميع المرضى الذين عاينتهم خلال عامي 1993-1994 م كان الوصول إلى الاشتباه في التشخيص بسيطا جدا أي بواسطة تحليل عدد من خلايا الدم , وفحص شريحة من الدم تحت الميكروسكوب . لذلك لا بد من إجراء هذا التحليل البسيط لأكبر عدد من المرضى الذين لديهم الأعراض المذكورة , ولا بد من وجود الاشتباه وإحالة المريض لمركز متخصص في علاج هذه الأمراض حتى يستبعد هذا الاشتباه . وعادة يتم التأكد من التشخيص بواسطة بذل النخاع العظمي الذي هو عبارة عن إجراء بسيط يتم تحت التخدير الموضعي أو بعد إعطاء حقنة منومة ولا يحتاج إلى تخدير عام إلا عند إجراء الفحص في الأطفال . ثم في حالة التأكد من المرض يتم إجراء فحوص خاصة للتأكد من النوع الدقيق للمريض وإجراء فحوص كروموسومات للنظر في احتمال الإجابة للعلاج .
علاج سرطان الدم النخاعي الحاد
يكون علاج هذا المرض عن طريق العلاج الكيماوي المكثف الذي يستمر لمدة 5-10 أيام باستخدام 2-3 عقاقير , تشمل في الغالب عقار Cytarabine واحد في العقاقير من مجموعة Anthracycline مثل عقار Daunorubicine .
وللأسف فإن جميع العقاقير المؤثرة في هذا المرض تهاجم الخلايا الطبيعية للنخاع العظمي مثل ما تهاجم خلايا المرض الخبيثة ولذلك تزداد أعراض فشل النخاع العظمي لفترة مؤقتة تطول ثلاثة إلى أربعة أسابيع بعد فترة العلاج المذكورة ثم يستعيد النخاع العظمي عافيته وتعود خلايا الدم الطبيعية إلى التكاثر والنمو ويعود إنتاج الدم وتختفي أعراض فشل النخاع العظمي المذكورة .
ويرجع السبب في أن الخلايا الطبيعية تعود إلى نشاطها وتكاثرها دون عودة الخلايا الخبيثة إلى أن الخلايا الخبيثة تتكاثر بسرعة أبطأ من الخلايا الطبيعية في هذا المرض ولكن هناك اختلال في الخلايا الخبيثة يمنعها من التميز إلى خلايا قادرة على القيام بالوظائف المسندة إليها , وكذلك لدى هذه الخلايا قصور عن الوصول إلى ما يسمى بالموت المبرمج Apoptosis بالتالي يزداد عددها في النخاع دون أن تكون سرعة تكاثرها عالية .
ونظرا لازدياد شدة أعراض فشل النخاع العظمي وضعف الخلايا في الفترة التالية للعلاج يحتاج المريض أثناء هذه الفترة إلى عزل عكسي بحيث يجب أن يكون في غرفة منفردة لوحده ولا يدخل عليه شخص سواء من العاملين بالمستشفى أو الزائرين إلا بعد اتخاذ احتياطات مثل غسل اليدين ولبس كمامة على الفم والأنف وإذا حصل له ارتفاع في درجة الحرارة يتم إرسال عينات مزرعة للدم وغيره إلى المختبر ثم يبدأ إعطاء المريض مضادات حيوية قوية وفعالة بجرعات عالية عن طريق الوريد دون انتظار إثبات وجود عدوى لدى المريض , وتتم مراجعة المضادات الحيوية الموصوفة للمريض كل 3 أيام ومقارنتها بحالة المريض وكذلك مقارنتها بنتائج عينات المزرعة المرسلة إلى المختبر وقد تتم إضافة مضادات حيوية جديدة أو استبدال المضادات الحيوية الموصوفة سابقا .
وكذلك يحتاج المريض إلى نقل دم (كريات دم حمراء) ونقل صفائح دموية , وحيث أن المريض يحتاج إلى تكرار نقل الدم والصفائح الدموية عادة , لذلك يستخدم في هذه الحالات ما يسمى بمستحضرات الدم المفلترة لمنع نقل كريات الدم البيضاء إلى المريض حيث أن هذه الكريات البيضاء تسبب تكوين أجسام مضادة ضد
سمات الأنسجة HLA مما قد يؤدي إلى تحطيم الصفائح الدموية التي سوف تنقل Antigens في المستقبل وغير ذلك من المشاكل المناعية .
أما الصفائح الدموية فهناك نوعان من الصفائح الدموية , النوع الأول هو الذي يحضر بواسطة فصل وحدات الدم الكامل التي يتم التبرع بها إلى مستحضرات مثل كريات الدم الحمراء المركزة , البلازما , الصفائح الدموية . ووحدات الصفائح الدموية هذه تسمى علميا بلازما ذات محتوى عالي من الصفائح الدمويةPlatelet Rich Plasma وكل وحدة من هذه الوحدات تحتوي ثلاثين بليون من الصفائح الدموية فقط , وهذه الكمية تعتبر غير كاملة لإيجاد ارتفاع مناسب في تركيز الصفائح الدموية لدى الشخص المتلقي لهذه الصفائح , لذلك كان لابد من جمع 6-8 وحدات من 6-8 أشخاص مختلفين تبرع كل منهم بوحدة من الدم الكامل .وإذا اضطررنا إلى 6-8 وحدات أخرى من 6-8 أشخاص آخرين في كل مرة يحتاج فيها المريض إلى صفائح دموية , لأن الأشخاص الذين تبرعوا بوحدة من الدم الكامل لا يمكن أن يتبرعوا مرة أخرى إلا بعد 3 أشهر , فإننا نستطيع أن نتصور أن المريض سوف يتلقى مستحضرات دم من عشرات بل مئات الأشخاص أثناء علاجه .
النوع الثاني من الصفائح الدموية يحضر بواسطة جهاز يسمى جهاز فصل الخلايا يتم وصله بالمتبرع ثم تشغيل برنامج خاص في كمبيوتر الجهاز لفصل الصفائح الدموية فيتم تمرير دم المتبرع عبر أنبوب يمر في الجهاز (الذي يشبه أجهزة الغسيل الكلوي) ثم بواسطة تقنية خاصة يتم فصل الصفائح الدموية وجمعها في كيس خاص وإعادة جميع مكونات الدم الأخرى مثل كريات الدم الحمراء والبلازما إلى المتبرع . وكل وحدة من هذا النوع تماثل 6-8 وحدات من النوع الأول ولذلك يعرض المريض الذي يحتاج إلى نقل الصفائح إلى دم من متبرع واحد فقط , بل ويمكن للشخص المتبرع بالصفائح بواسطة هذه التقنية أن يتبرع بالصفائح مرة أخرى خلال يومين أو ثلاثة , عندما يكون المريض مرة أخرى في حاجة إلى الصفائح وبذلك يتم حصر عدد الأشخاص الذين تنقل مستحضرات دم منهم إلى المريض إلى عدد يقل بكثير عما لو استخدمنا الصفائح الدموية من النوع الأول .
وهنا نحصل على ميزتين , الميزة الأولى الوقاية من احتمالية العدوى إذ أن من المعروف أن نقل الدم أو أي من مستحضراته يظل قابلا لنقل الأمراض الفيروسية الخطيرة مثل التهاب الكبد بأنواعه أو فيروس الإيدز . بالرغم من إجراء جميع الفحوص اللازمة للتأكد من سلامته , إلا أن هذا الاحتمال ضئيل جدا يصل إلى 1 من 60000 في حالة التهاب الكبد من نوع ب أو إلى 1 من 500000 في حالة فيروس الإيدز كما أثبتت ذلك الأبحاث في الولايات المتحدة . ولذلك حين ننقل للمريض صفائح من متبرع واحد مرارا خلال 3 أشهر تكون احتمالية نقل العدوى أقل بكثير من احتمالية نقل العدوى في حالة نقل صفائح من اكثر من مئتين متبرع خلال ثلاثة أشهر والميزة الثانية أن تعريض المريض للصفائح الدموية من المتبرع الذي هو بطبيعة الحال يختلف عن المريض في سمات الأنسجة HLA-Antigens يؤدي إلى احتمال تكوين أجسام مضادة لسمات الأنسجة هذه , وطبعا يكون الاحتمال في حالة تعرض المريض لصفائح دموية من متبرع واحد كما هو الحال فيما لو نقل إليه صفائح من متبرع واحد عن طريق جهاز فصل الخلايا .
بعد مرحلة العلاج المكثف هذه وما يتبعها من فترة ضعف خلايا الدم , التي يجب التغلب عليها كما ذكرنا بمكافحة الأمراض البكتيرية المعدية ونقل كريات الدم الحمراء ونقل الصفائح الدموية , ويستعيد النخاع العظمي عافيته ويبدأ في إنتاج خلايا الدم الطبيعية ولا نجد أي أثر للخلايا الخبيثة في حالة حصول استجابة للعلاج , إلا انه بالرغم من هذا النجاح فإننا نعلم أن هناك العديد من المرضى لا تزال هناك خلايا خبيثة في النخاع العظمي لديهم وذلك بسبب أن الخلايا الخبيثة تشبه الخلايا الأم الطبيعية ولذلك لا يمكن تميزها إذا كانت موجودة بنسبة تقل عن 5% من خلال النخاع العظمي ولذلك نقوم بإعادة دورة أو أكثر من العلاج الكيماوي المكثف لمحاولة ضمان عدم عودة المرض وتكون هذه الدورات مترافقة مرة أخرى بفترة ضعف لخلايا الدم التي تتسم بضعف مقاومة الأمراض البكتيرية المعدية والحاجة إلى نقل كريات الدم الحمراء ونقل الصفائح الدموية , ثم عودة الخلايا الطبيعية مرة أخرى .
حتى عهد قريب كان جميع المرضى الذين يعانون من سرطان الدم النخاعي الحاد ينصحون بإجراء بعملية زراعة النخاع العظمي ولكن اليوم نعرف أن هناك مجموعة من المرضى الذين إمكانية عودة المرض إليهم موجودة ولكنها صغيرة بحيث أنها لا تبرر إجراء عملية زراعة نخاع عظمي على الأقل حاليا لأن عملية زراعة النخاع العظمي نفسها تحمل مخاطر ليست بالقليلة